Tuesday, February 16, 2010

ياله من حظ







يدور يدور يدور .... يا إلهي ... هذا الرجل يشبه الدبور الذي نلعب به في الحارة .. وبنفس سرعته

ومض هذا الخاطر في ذاكرتي الصغيرة ذات الأحد عشر عاما، والتي لم تتلوث بعد بجراح سكين الزمن ... وأنا أشاهد هذا الرجل يرتدي تلك الملابس الزاهية ويدور في خفة ورشاقة ناثرا ألوان الطيف في كل اتجاه ... حتى لتحسب نفسك تعيش للويحظات في قوس قزح

هززت جسدي الصغير متأرجحا وأنا أمسك كف أمي وأسرح في أفكاري ... ياله من رجل سعيد، ليس عليه أداء الواجب المدرسي يوميا، أو الاستيقاظ مبكرا كل صباح ... ليس عليه أن ينال التعنيف من والديه ... أو يُعاقب على تناوله الحلوى بكثرة ... ياله من رجل محظوظ

كل ما يفعله هو الدوران في فرح ...ونثر أزهاره الملونة حول الجميع ... ليرسم البسمة على وجوههم ... ياله من رجل محظوظ

ها أنا أتابعه وهو يلف لفته الكبرى ... يلف في سرعة ... يغلق عينيه في استمتاع ... الناس تصيح مشجعة إيه ... وأنا أكادأقفز من مكاني فرحا ... وبينما هو يدور، فتح عينيه ... وللحظة التقت عينانا و...

ما هذا الذي أراه؟؟؟ .... عيناه ... هاتان العينان يطل منهما حزن أليم ... حزن عميق ... حزن حفرته الدنيا في عينيه العسليتين بإزميل من ألم ...

لويحظات ... حسبتها دهرا ... وأنا أطالع ما يقول لي بعينيه ... لقد كان يشكو مرارته وأحزانه ... يبث ألمه وشكواه ... أستطيع ان أحس ذلك ... أن ألمس ألمه بيدي... أن أتحسس دمامل جراحه المعذبة

لويحظات أنستني الدنيا ... أنستني حياتي القصيرة ... إحساسي بالأسى تجاهه يتضاعف ... خُيل إلي أن دموعي ستنهمر ... خيل لي أن قلبي سينفطر ...

لويحظات ... وأغلق عينيه من جديد .... وهو يلف في انتشاء أكبر ... لكني لمحتها ... تلك الدمعة التي هربت من بين براثن رموشه لتطير في الهواء ... راسمةً خطاً قصيراً يُضاف إلى دفتر عذابه ... ما لبث أن تلاشى بين دوراناته ...

هاهو يضع يديه على صدره ... أستطيع سماعه ... إنه يحدث نفسه عن هذا الفتى ... الذي لا تزال أمامه الدنيا وأحلامها... هذا الفتى الذي يمتلئ صخبا وحماسا ...

يبتسم ...ويردد في صوت مخفوت سمعه قلبي ... ياله من فتى محظوظ !!! ه

No comments: